هذا ما وجدنا عليه آباءنا

منذ أن بداءت السيدة البطلة الشريفة بنت الشرفاء منال الشريف الدفاع عن حقها في قيادة السيارة ، وانقسم الناس إلى قسمين ، المؤيد والمعارض الشرس ، اما المعارض فلا أساس لمعارضته أما المؤيديدين فقد ناقشوا الموضوع وأطالوا نقاشه من منطلق قانوني و اخر ديني مما أعطى للمعارضين تمكين من رأيهم وأعطي أصلاً مكان للنقاش في موضوع ليس له صله قانونية أو دينية ، فقيادة المرأة للسيارة موضوع بديهي ، إنساني وكحد أقصى فهو موضوع إجتماعي يتماشى مع الفطرة البشرية ، فلا يوجد قانون أو دين يمكنه الوقوف ضد الفطرة البشرية وضد ما هو حق

فعندما قامت السيدة روسا باركس في ديسمبر عام 1955م بكسر "عرف" الفصل بين السود والبيض في أمريكا ، فهي دافعت عن حقها الإنساني في المساواة بين الناس فلم يقف قانون ولا دين ولا عرف باطل ضدها وهانـحن اليوم نرى نتاج تحَّرك السيدة باركس وكل من ساهم في حملة حقوق السود في أمريكا ممثلة في الرئيس الأمريكي أوباما ومن قبله نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا.

إن المعارضين لقيادة المرأة للسيارة هم الذين يتمسكون بعرف "هذا ما وجدنا عليه آباءنا" فعندما تغّير العالم وأصبح تعليم المرأة واجباً عارضوه من باب "هذا ما وجدنا عليه آباءنا" وعندما آتى التلفزيون سموه تلفازاً وعارضوه من باب "هذا ما وجدنا عليه آباءنا" وعندما آتت صحون الفضاء الفاسدة المفسدة ، عارضوها من باب "هذا ما وجدنا عليه آباءنا" والإنترنت والجوالات ذات الكاميرات والبنطلونات والتيشرتات وغيرها … إنه فكر "هذا ما وجدنا عليه آباءنا."

إن النبي صلى الله عليه وسلَّم عندما بعث آتى بفكر ضد العرف وضد القانون وضد الدين السائد بين البشر في مكة وفي العالم وقد وجد صداماً عنيفاً وشرساً وإجرامياً من الذين قالو ا " هذا ما وجدنا عليه آباءنا" فلما ما استطاعوا أن يناقضوا هذا الفكر بمنطق الفطرة البشرية ، حولوا النقاش إلى هجوم شرس على شخصه صلى الله عليه وسلم ، فأتهموه كل الاتهامات واستهزواء به وشهروا به في كل مكان ولكن ليزهق الله الباطل ويحق الحق ولو كره الذين قالوا "هذا ما وجدنا عليه آباءنا"

إن أول المعارضين دائماً وعلى مدار التاريخ هم الملأ من القوم الذين تكون لهم المصلحة في أن يستمر الظلام ويستمر الباطل وهم عادة من يحارب الحق وعادة ما تكون حربهم عقائدية ، شخصية ، تهجمية لا منطق لها ولا إنسانية وقرآننا الكريم مليء بقصص الملأ من القوم الذين حاربوا داعي الحق بإختلاف أزمانهم ولكن تبقى قلوبهم فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور.

عندما يناقش الناس موضوع قيادة السيارة من منطلق قانوني أو ديني ويأتوا بالأدلة ويناقشوا مبداء سد الذرائع والفقه والحكمة فإنهم ينزلون القانون والدين في غير منزله لآن الموضوع لا صله له بالقانون والدين، فلا قيمة لقانون أو دين يخالف الفطرة البشرية ويخالف ما هو بديهي وإنساني.

عندما تقول إن قيادة المرأة للسيارة ستقلل من "مصائب" السائقين ، يردون عليك ، "هذا ما وجدنا عليه آباءنا" ، وعندما تقول لهم إن قيادة المرأة للسيارة حق من حقوقها ، سيردون "هذا ما وجدنا عليه آباءنا" ولن ينتهي هذا الرد لأنها سنة الله في الكون ، فكل فكر جديد وفجر جديد وحق جديد يقابله فكر "هذا ما وجدنا عليه آباءنا"

تمديس

 

لا توجد حكومة بالعالم سواء ديكتاتورية ، ملكية ، ديموقراطية أو خنفشارية (كحكومة أمريكا) إلا وتريد البقاء وتصارع من أجله إما للأبد أو لمدة أربع سنين أو خمسة ، حسب قانون الإنتخابات ولكن الفرق يبقى كيف؟

 

هناك حكومات تبقى بتمدين الشعب وهناك حكومات تبقى بتمديس الشعب وأثبت العام 2011م أن التمديس لا يمكن أن يُبقي على الحكومات وإنما يكون له ردة فعل تدمَّر الأخضر واليابس ، إذا فلماذا لا تعمل الحكومات على إختيار التمدين؟

 

أعتقد أن الجواب بسيط جداً وهو ذو ثلاث محاور:

 

أولاً : هو حل طويل الأجل ويتطلب عمل دؤوب ، مستمر وجهد جبَّار ومعظم حكومات الدول العربية تفقد كل المعطيات.

 

ثانياً : وجوب وجود قانون مدني يشمل الجميع وهذا يقلل من فرص نهب المال العام وإنخفاض لائحة أغنياء العالم.

 

ثالثاً : تغيير المناهج التعليمية وإعادة تثقيف المجتمع وهذا سيقلل من شأن الجهات التي تتحكم في الشعوب عن طريق الدين أو الولاء العرقي أو الحزبي.

 

لذلك فإنني أرى أن الأعوام القادمة ستكون أعوام تمديس الشعوب والله المستعان.