من ام كلثوم إلى الدقون

كنت قد كتبت من أسبوع مقال بعنوان فهد البيتيري vs جهيمان وضحت فيه كيف ان الضحك هو وسيلة فعّالة في الإصلاح لانها تؤثر على القلب والعقل فيمكن ان تعدل السلوك وتقرب المسافات بين أطياف المجتمع

وتطرقت في المقال إلى التحوّل الكبير التي شهدته بلادنا بعد حادثة جهيمان وكيف أننا انتقلنا إلى ما سمي بالصحوة والذي بدأت بإلغاء سهرة ام كلثوم الأسبوعية من التلفزيون السعودي والدخول في عصر غلب عليه التطرف الديني الذي ركز وبشكل كبير على الشكليات ، ولفت إلى ذلك بإستعارة “من ام كلثوم إلى الدقون” وفؤجت بكثير من ردود الفعل التي ركزت على ان الدقون هم حماة الدين وان بداخلي علماني لعين وإنني يساري متطرف، فسبحان الله كيف انحصر الدين عند البعض على الدقون وعلى المظهر فأنا حتى لم اذكر اللحى وإلا لكان مصيري “كشقري” ستايل

ان سيدنا عمر عرف بعدله وحكمته وشجاعته وحنكته وفراسته وخلقه ولم يشتهر بلحيته. لقد عرف سيدنا ابو بكر بحلمه ورقته وثباته عندما خار الناس أجمعين وليس بطول ثوبه وها هو سيدنا خالد بن الوليد الذي لقب بلقب عظيم، سيف الله المسلول رغم قلة معرفته بالقران ولم يعرف بمظهره وعندما أراد الله تمجيد نبيه ﷺ قال عز من قال “وأنك لعلى خلق عظيم.”

ان عظماء الأمة عرفوا بخصال تنبع من قلوب طاهرة، قلوب ملئها الإيمان والحب والإنسانية. أنهم أناس ظهرت إنسانيتهم قبل دينهم ، غيروا مسار التاريخ بقلوبهم وعقولهم وليس “بدقونهم.” لم يكن المنظر هاجسهم الدائم

فلو كانت الصحوة حقيقية وليست مظهرية لكان حالنا غير حالنا اليوم فلا يمكن ان يمر يوم من غير قصة فساد تملأ الصحف والمجلات والإذاعات والمجالس فساد يشيب له الولدان. فلا يمكن ان ننهض ان حُصرالدين في المظهر وليس الجوهر فكما سمعت من قبل ، “عندما يغير رجل الدين على امرأة كشفت وجهها أكثر من غيرته على امرأة تشحث وهي مغطاة” فاعلم أننا قالب بلا قلب

اللهم انصر دينك على من نزعه من القلوب وجعله في الدقون

جهيمان vs فهد البتيري

ضحكت حتى تألمت ضلوعي ودمعت عيناي في نادي جدة للكموديا الذي أسس على هدف ادخال السرور على قلوب الناس ، والذي لفت نظري مستوى تعليم المشاركين، وهذا الذي سيجعل هؤلأ الجيل المصلح، فليس أقوى من الضحك في التأثير على سلوك البشر وبالتالي إصلاحهم

لقد كشرت هذه البلد كثيرا و “قلبت أمها نكد” من يوم جانا جهيمان عام ١٤٠٠ وأصبحت سمة المجتمع يسود عليها الغم وانتقلنا من ام كلثوم إلى الدقون

أما مأرايته امس فيبعث الأمل لان لغة الضحك لغة مشتركة تكسر كل حواجز العنصرية وتفتت التطرف وتجمع الناس فقد ضحك امس من هم من مختلف أطياف مجتمعنا وقد اضحكهم شباب من كل ركن من أركان بلادنا، إحساس بالوطنية لا يمكن ان يعلمه منهج أو يدرسه أستاذ أو ان تفرضه حكومة انفصلت عن الواقع

لو أنني وزير للإعلام لتنبنيت هذا المشروع وجعلته الوسيلة الكبرى في اللحمة الوطنية وإصلاح السلوك، فلا يوجد أقوى من ان تضحك للدنيا فتضحك لك

ان الأوان لفهد البيتيري ان يصلح

انقرني وانقرك

لكي تقرأ هذا المقال، لقد قمت بعدد من النقرات على الحاسوب، مستخدما الفأرة، متصفحا الشبكة العنكبوتية أو مستخدما إحدى الألواح الرقمية من شركة التفاحة التي أسسها ولد الجندلي العربي الأصل. ان تعريب هذه الاختراعات اللاعربية بهذه المصطلحات هي ثقافة المنهزم الذي يريد نسب الاختراعات للغته ظنا انه يحافظ بذلك على لغته وهويته
 
ان ترجمة كمبيوتر لحاسوب أو ماوس لفأرة أو ديسك توب لسطح المكتب هي لغة انهزام وعند البعض هي الوسيلة للحفاظ على لغتنا وهويتنا والتصدي للمشروع التغريبي الشرس بل هي لغة الذي فقد الثقافة الفكرية والإبداعية 
 
هناك آلاف النجوم في السماء مازالت أسماءها عربية رغم تخلي المسلمين عن علم الفلك والذين أخذوا منهم لم يترجموا الأسماء وذلك عرفانا وتكريما لمن كرّس حياته وأبدع في علم الفلك وهناك أيضاً آلاف المصطلحات العلمية العربية التي نتغنى على أطلالها عندما نقرأها في “كتبهم” ثم يأتي من يحاول ان يعيد لنا أمجادنا  بالحاسوب والفأرة
 
ان الحفاظ على اللغة لا يأتي بترجمة المصطلحات السطحية وإنما يأتي بترجمة منظومة من العلم والتعلم والإبداع والجهد والجهاد والاختراع حتى تصبح اللغة أيا كانت لغة المعرفة
 
في يوم ما، كانت اللغة العربية لغة المعرفة لان الذين قاموا عليها أبدعوا وتعلموا واجتهدوا وجاهدوا فجعلوها اللغة الأولى في العالم بل ولم يكونوا عنصريين فأخذوا العلم من كل ثقافة وجمعوه في العربية حتى كانت مصدر العلم والمعرفة
 
فشتان بين من اجتهد ولم ينم ليل نهار حتى اصبح علما كاملا يطلق بإسمه مثل جابر بن حيان وبين من ينام ليل نهار ويأكل كما تأكل الأنعام ثم يغضب لكلمة كمبيوتر ويجعلها حاسوبا وهو يتحدث على “هاتف الآي” أو كما ترجم ال الآي فون
 
لغتنا لن تعز بالحاسوب وبالفأرة وإنما يعزها من يبدع ويخترع ويجتهد
 
انقر على جزء الكومنت لترك رأيك